هل تمر عليك أوقات لا تستطيع فيها إلا أن تفكر في الأشياء التي فقدتها أو تلك التي ضاعت أو سُلبت منك؟
ما أسهل أن نركز أنظارنا على الأمور التي سلبها الشيطان من حياتنا بدلاً من البركات التي يغمرنا الله بها. ربما تمر بوقت صعب نتيجة مرض طال أو عجز الطب عن علاجه، أو ربما تجتاز بضائقة مالية أو تتألم بسبب علاقة شخصية أو ربما مات حلمك أو فقدت شخص عزيز على قلبك!
لكن دعني أشاركك بحقيقة واحدة أكيدة وهي أن الشيطان ربما يحاول أن يدمر كل شيء غالِ ونفيس لديك ولكنه لا يستطيع أن يخلق شيئاً.
ربما تتساءل: ما أهمية هذه الحقيقة؟ دعني أؤكد لك أنها أعمق مما قد تبدو.
أولاً، الخليقة تأتي دائما قبل الدمار، فلابد أن يُوجد الشيء قبل أن يُسرق أو يتحطم أو يتلاشى.
لقد فاتنا هذا المفهوم لأننا عادة ما نثبت أنظارنا على أعوازنا وعلى ما هو مفقود. وعندما تسير الأمور بعكس ما نشتهي، نخطيء في استنتاجنا بأن نصف الكوب صار فارغاً بدلاً من أن نرى أن النصف الآخر لا يزال في الحقيقة ممتلئاً.
وهنا علينا أن نسأل أنفسنا: من هو صاحب القوة الأعظم؟ هل هو من يخلق الأشياء من العدم أم من يسرق الأشياء فلا تكون فيما بعد؟
أيهما ذو قيمة أكبر في مجتمعنا: الفنان أم اللص؟ المؤلف أم من ينتحل شخصيته؟ أصل المستند أم الصورة؟ أليس من الواضح أن من هو قادر على الإبداع والخلق لديه قوة وكرامة أعظم؟ مثل هذه الحقيقة تنطبق على الله أيضاً فالخالق هو بالفعل أعظم.
تأتي البركة قبل اللعنة وقد كان الخير قبل أن يُوجد الشر. كان الله موجوداً قبل أن تُوجد أجناد الشر. الله هو الخالق والشيطان مخلوق، الله هو السيد والشيطان العبد وفي النهاية سيُجازى الشيطان ويُطرح في بحيرة النار.
فإذا تدنى الشيطان ليأخذ منصب السارق والقاتل والناهب، فهذا هو كل ما يستطيع أن يفعله.
يقول الكتاب في يوحنا ١٠: ١٠ السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك، وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل.
الله هو خالق كل أمر جديد؛ هو من يجعلنا خليقة جديدة، كما أن مراحمه جديدة في كل صباح. الله سيصنع أمراً جديداً في حياتك وهو مانح الحياة لكل ما هو على الأرض ولكل أمر في حياتك اليومية أيضاً.
أما الشيطان فهو المُقلد وبمجرد أن نعرف حيله وخططه، ستكون لنا الغلبة، فهو لا يستطيع أن يعترض طريقنا. إنه صاحب الألاعيب القديمة لذلك يلعب على وتر مخاوفنا ويهدد بسلب بركات الله في حياتنا. وعندما ندرك أساليبه، تنكشف حيله وتنتهي اللعبة ويُرفع الستار.
دعونا نرجع مرة أخرى إلى الفكرة الأولى: الخلق يأتي قبل الدمار وهو مبدأ يعكس أولويات الله لحياتنا، فمقاصد الله دائماً خلّاقة ومتجددة وممتلئة حياة وتغيير رائع لكل جوانب حياتنا. هذه هي خطة الله لكل منا، تأكد من ذلك، فهو لا يؤذي أو يسلب أو يحرمنا من البركة. نقرأ في سفر التكوين الإصحاح ١: ١ في البدء … لقد خلق الله كل شيء وبعدما خلق كل شيء رأى أنه حسناً. وهكذا يرانا نحن أيضاً فنحن خليقته الحسنة الغالية على قلبه. وفي سفر المزامير ١٣٩: ١٤ يقول كاتب المزامير: قد امتزت عجباً.
وهكذا وقبل أن تنظر إلى ما سُلب منك، انظر أولاً إلى كل ما خلقه الله بداخلك وما فعله فيك ولك، وكل ما هو قادر أن يفعله من أجلك فقط إن نظرت إليه بالإيمان، وكل ما يصنعه الآن خلف الستار بينما أنت تنتظره وتصلي من أجل استجابته المعجزية.
يا لها من أمور عظيمة تلك التي سيعملها الله من أجلكم أيها القديسون. فقط انظر إلى البركات التي يمنحها صاحب البركات، انظر إلى الخالق وما خلقه بداخلك قف منتصراً.