المعزي ومرض العصر “الإكتئاب” – Zawia360

المعزي ومرض العصر “الإكتئاب”

في عصر التواصل الاجتماعي الذي نعيشه اليوم، نرى أن الناس تصارع مع الاكتئاب والوحدة أكثر من أي وقت مضى. نحاول بكل جهودنا الانخراط في كل وسائل التواصل الاجتماعي لكن دائما ما ينتابنا الشعور بالوحدة. نحن نشارك جميع لحظاتنا الجميلة على فايسبوك وانستغرام وغيرها، ولكن مع من نشارك لحظاتنا الأليمة والسيئة؟ نحن لا نشارك مشاعرنا العميقة ربّما خشية أن يَحكم علينا المجتمع ويسخر منا، لكن الحقيقة هي أننا نسعى يوميا للحصول على التعزية والطمأنينة من الأقارب والأصدقاء.

هل تشعر بأن الطريق أمامك مسدود ولا يوجد أدنى امل في ان تتحسن الأمور؟ ربما أنت محاصر من كل جهة، بُعد الأصدقاء أو غيابهم، تحديات في التعليم، صعوبات في إيجاد العمل المناسب، قرار زواج، خوف، تحديات مادية، تحديات ثقافية ودينية. والآن تقف وتسأل: هل من سبب واحد يجعلني اتمسك بهذه الحياة؟ من أين تأتي تعزيتي؟

الخبر السار الأول هو أنك لست لوحدك. نقرأ في الكتاب المقدس عن أنبياء عظماء وصلوا الى طريق مسدود في حياتهم وفقدوا الرجاء في الحياة بسبب الاكتئاب. قال موسى “اقتلني ان وجدت نعمة في عينيك”، كما، وقال النبي ايليا “كفى يا رب خذ نفسي”، وطلب يونان الموت أيضا قائلا: “خذ نفسي…موتي خير من حياتي”. عبّر أيوب عن مشاعره وقال “فَالآنَ انْهَالَتْ نَفْسِي عَلَيَّ وَأَخَذَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ.. فَأَيْنَ إِذاً آمَالِي؟ (أيوب ٣٠: ١٦). كيف إذا وصل بأنبياء عظماء الوضع الى هذا الحال؟

هناك الكثير من الالتباس والخزي اللذين يحيطان بالاكتئاب ولاسيّما في مجتمعاتنا الشرقية. هذا يأتي من التضليل والتقاليد. على سبيل المثال، قد يشعر صديقك بالخجل بشأن صراعاته مع أفكار الكآبة أو حتى حالته الذهنية بسبب نظرة المجتمع، فيلتزم الصمت. أوضحت عالمة الأعصاب، الدكتورة كارولين ليف، أن الاكتئاب ليس مجرد حالة طبية مثل أي خلل فيزيولوجي (كيميائي حقيقي في الدماغ)، بل إنه جزء لا يتجزأ من قصة الإنسان. تقول الدكتورة كارولين “الاكتئاب مشكلة ذهنية”.[1] الاكتئاب لا يأتي من العدم بل هو نتيجة لتراكمات معينة واختبارات. عندما يعاني المرء من الاكتئاب لا يعني أن شخصيته ضعيفة أو سيئة. كلنا معرضون لهذا النوع من التحديات. إنّ أكثر ما يحتاج إليه الشخص الذي يكافح ضد الاكتئاب للغلبة والنصرة هو أذن مصغية وقلب محب لا يدين. ومن غير الله ينتظرنا بصدر مفتوح؟!

يأتينا الخبر السار الثاني والأهم من سفر الجامعة في الكتاب المقدس، ويقول: “لكل الاحياء يوجد رجاء”. وعدنا المسيح عندما رُفع الى السماء بأن الآب السماوي سيرسل “المعزي” الروح القدس كي يعلمنا، يقودنا ويرشدنا الى الحق (يوحنا ٢٦:١٤)، (يوحنا ١٣:١٦). أجمل لقب أطلق على الروح القدس كان من فم المسيح نفسه وهو “المعزي”. عندما يؤمن الشخص بيسوع المسيح ويقبله سيدا على حياته، يسكن الله بالروح القدس داخله ويملك على حياته (١كورنثوس ١٦:٣)، ويبتدأ في إظهار ثمر الحياة الجديدة فيه: المحبة، الفرح، السلام، طول الأناة، اللطف، الصلاح، الإيمان، الوداعة، التعفف (غلاطية ٢٢:٥-٢٣).

الله معك وليس ضدك (حتى لو لم تشعر بذلك). كل أكاذيب الاكتئاب، “ليس لديك أمل، ولا قيمة، ولا هدف . . .”، هذه كلها قضايا روحية نجد إجاباتها في كلمة الله المقدسة. يهتم الله بكل مجال من مجالات حياتنا ويريد منا أن نثق به في كل وقت، حتى في الأوقات التي نكافح فيها الاكتئاب. كُتب عن الله أنه “أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا” (١كورنثوس١: ٣-٤).

التعزية هي فعل إعطاء القوة والأمل للآخر. إذا كنت مستعدًا لوضع أملك وثقتك في الروح القدس “المعزي” فهو سيأتي ليعمل وراء كواليس حياتك لكي يشفي قلبك المجروح، كي يعطيك قوة الغفران لمن أساء إليك. سوف يعطيك الشجاعة والسلام العميق في الوقت الذي تصارع فيه مع الظلام كما وسيخفّف من حدة حزنك أو قلقك. نفشل في التغلب على الاكتئاب عندما لا نرى أنفسنا بالطريقة التي يرانا الله بها، أي كأولاد ثمينين ومحبوبين بشدة. الروح القدس هو من سيقودك لتكتشف كيف يراك الله. كما أنه سيعلن لك عن قيمتك في نظر الله. هو الصديق الأقرب الذي تبحث عنه. إنه يعرفك أفضل مما تعرف نفسك. سلم له حياتك فهو لن يخذلك.

[1] https://drleaf.com/blogs/news/how-to-recognize-the-early-signs-of-depression-how-to-recover-and-how-to-help-someone-who-is-struggling-with-depression

هل لديك تساؤلات حول محتوى الصفحة؟

اكتشف كيف يمكنك أن تختبر السلام مع الله. إذا كنت ترغب في التحدث مع شخص، فنحن لدينا مرشدين في انتظارك للاستماع لك والاجابة على أسئلتك

Chat Agent2