لماذا أتألم – ألمي وألم المسيح – Zawia360

لماذا أتألم – ألمي وألم المسيح

 

عندما تضيق بنا الأحوال غالبا ما نبدأ في لوم الله. نلومه على ظروفنا وعلى الشر المحيط بنا. نصلي ولا تتغير الأحوال من حولنا فنتعجب وينتابنا شعور بالإحباط. فنبتدأ في الصراخ: “أين الله؟ لما لا يتدخل فيغير الأحوال؟ أين عدله؟ نعيش اليوم في مجتمع مهووس بتجنب الألم والتحديات ونتوقع أن تكون هذه استراتيجية الله أيضا في التعامل مع ظروفنا. لكن، لنتأمل قليلا في خطة الله اتجاه البشر حسب الكتاب المقدس!

عندما خلق الله آدم وحواء، أعطاهم الله حرية الاختيار بالبقاء متصلين به وتحت حمايته أو الانفصال عنه (الاستقلال). ولكي يمارسوا تلك الحرية وضع الله في جنة عدن خيارين (الخير والشر) وطلب منهما التصرّف بمسؤولية. ومن هنا أصبح الخيار في ملعبهم. عندما عصوا كلمته ورفضوا عنايته، طُردوا من الجنة الى عالم إبليس ولم يعودوا تحت حماية الله الكاملة (تكوين ٨:٢-٩). ومنذ ذلك الحين أصبح الإنسان وكل ما يدور حوله معرض للألم. وفي الجهة المقابلة، يسعى الله في محبته ان يساعد البشر على التوبة والعودة الى أحضانه وحمايته.

إجابة على كل الأسئلة المطروحة في مقدمة هذا المنشور، السبب الرئيسي للألم في حياتنا يعود الى ابتعاد العالم عن الله. ويتجسد ذلك من خلال خيارات الإنسان الخاطئة، تجاوز الأفراد للقوانين العامة والإلهية، الشعور بالوحدة. فربما يتعرض المؤمن للألم إما لأنه ارتكب ذنب معين أو لأنه فقط يتعرض لشر عام يسود في المجتمع.

مع أنه يمكننا في أغلب الأحيان أن نقدم أيا من هذه الاحتمالات كأسباب اختبارنا ألم معين في حياتنا، إلا أن الإجابة الكاملة والدقيقة تبقى مخفية عن عيوننا. جزء كبير مما نتعرض له من شر لا نفهمه. لم يكشف الله عن كل تدابيره وخططه للبشر. قال النبي سليمان: “مجد الله إخفاء الأمر” (أمثال ٢٥: ٢). قال النبي موسى أيضا: “السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا وَالمُعْلنَاتُ لنَا وَلِبَنِينَا إِلى الأَبَدِ”. فالله لا يعلن عن كل ما في قلبه. أكثر مثال يوضح هذه الحالة في الكتاب المقدس هو النبي أيوب. رغم أنه كان الأكثر تميزا في علاقته مع الله، إلا أن الله سمح بالألم على حياة أيوب. ونحن كأيوب، كثيرا ما نمر بظروف قاسية لا نفهم سببها تماما، ولكن تبقى الحقيقة الثابتة والتي أدركها أيوب، في أن الله “يستطيع كل شيء” (أيوب٤٢: ٢). والسؤال الأهم هنا هو: هل سنبقى نثق في بر الله ومحبته حتى عندما لا نفهم ما يحل بنا؟

تأمّل معي في حياة المسيح. لم تكن حياته سهلة، بل امتلأت بالألم والمعاناة. ابتدأت حياته بولادة مربكة. كانت أمه فتاة نكرة وعذراء مخطوبة لرجل من الأقارب. ثم عاش طفولته هاربا ولاجئا بعيدا عن بلدته. وأخيرا انتهت حياته بالقبض عليه وقتله. وهكذا اختبر يسوع الألم بأقسى أشكاله.

ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الواقع المؤلم. فالله خلق الكون لأجل ذاته، وهو ساهر على حفظه. ولذا، رغم الفساد الموجود على الأرض إلا أن الله يستخدم الشر الموجود في العالم ويوجهه بحسب قصده. الله لا يجلس غير مبالٍ كما يعتقد كثيرون ويشاهد في مجريات الأحداث، بل إنه جزءا أساسي منها. رغم الحرية التي يعطيها للإنسان إلا أنه يتدخل ليضبط سرعة وقوة الأحداث كي لا تتجاوز مقاصده. تدخّل الله وأقام المسيح من بين الأموات وغلب الموت من أجلنا، وبنفس القوة، سيحفظنا الله بعناية وفي محبته. الخبر السار في تجسد المسيح هو أن المسيح أخضع نفسه لمحدودية إنسانيتنا من أجلك ومن أجلي. تجسد لكي يختبر آلامنا وبالتالي يظهر محبته لنا. تجسد لكي يترك لنا مثال نقتدي به. مثال في التواضع والثقة بولادته. مثال في التضحية والمحبة بموته. مثال في القداسة والمثابرة في حياته. مثال في الرجاء والنصرة بقيامته. هذه هي رسالة التجسد وهذا ما يحتاج اليه الانسان للتصالح مع الله. قد تبدو الظروف خارجة عن إرادتنا لكنها لا تزل تحت سيادة الله. حتى لو انهار العالم فإن بإمكان الله أن يخرجنا من هذه الظروف وهذا هو وعده. “ليكن حلمكم معروفاً عند جميع الناس. الرب قريب، لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” (فيلبي ٤: ٥-٧). يستجيب الله لصلواتنا دائمًا. قد يستجيب الله لصلواتنا ويعطينا ما نطلبه. لكن في الكثير من الأحيان يستجيب لصلواتنا لكن بدون أن ندرك كامل مقاصده. أحيانا يقول لا ويعدنا بالأفضل، وأحيانا أخرى يدعونا الى الصبر وانتظار الوقت المناسب. وأخيرا وفي حالات نادرة، يستجيب الله ب”لا” من دون أن نعلم السبب. أليس هو الله ونحن خليقته؟

نأتي الى الرب دائما بأنانية ونريد منه ان ينفذ طلباتنا كما نريد وبأسرع وقت. قد لا نحصل دائما على الأمور التي نطلبها في الصلاة وقد لا تتغير الأحوال من حولنا لكن دائما ما يقدم الله لنا منافذ لتحدياتنا، وأهم من كل شيء، يعطينا سلاماً تجاه أي موضوع. قال يسوع: “سلامي أترك لكم سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب” (يوحنا ١٤: ٢٧).

أخي العزيز، يريدنا الله أن نكون أقوياء بما فيه الكفاية وناضجين بما يكفي لمواصلة التقدم في خطته لحياتنا بغض النظر عن الظروف الأليمة التي نمر بها. يريدنا الله أن نلقي كل همنا عليه وبدون أي حسابات “ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم” (الإنجيل). هذا ليس إيمان أعمى كما يعتقد البعض بل هو الثقة بالله وما بمقدوره فعله.

الله يحبك ويقول لك: “اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه فهو قريب”. الذي استطاع أن يخلق الكون بكلمة يستطيع أن يخلصك ويغير ظروفك بكلمة. ولكن ينتظر منك أن تدعوه ليدخل حياتك. يجب أن تطلبه اولا وتفتح له باب قلبك. أمين

هل لديك تساؤلات حول محتوى الصفحة؟

اكتشف كيف يمكنك أن تختبر السلام مع الله. إذا كنت ترغب في التحدث مع شخص، فنحن لدينا مرشدين في انتظارك للاستماع لك والاجابة على أسئلتك

Chat Agent2