سلام الله معك. اسمي ربيع وأتشرف بمشاركة اختباري معك.
تغلغلت منذ صغري وسط عائلة تقليدية ومجتمع يفتقد لكلمة “أحبك”. هذه الكلمة مفقودة في ثقافتنا بين الآباء وأولادهم بل وحتى بين الأزواج. يكاد أن يكون التعبير عن الحب بمثابة ضعف وهو يُصنّف تحت خانة الطابوهات. يعود السبب لثقافة الخضوع والخوف، كما الى غياب تربية دينية تتحدث عن مفهوم علاقة المحبة التي تربط المخلوق بخالقه. تعلمت وأنا صغير أن الله ديّان وأنه يعاقب الأشرار والمذنبين، بل وهو بعيد عن البشر ايضًا. نُصوّر الله وكانّه إله صارم ومتسلط لا يبالي بمشاعرنا. كنت أقرأ عن الله بأنه “الرحمن الرحيم” وذلك كان محيرا بعض الشيء اذ لم أفهم معنى تلك الكلمات. كبرت ونشأ في داخلي خوف عميق من العقاب والموت ولم أرى في علاقتي مع الله سوى علاقة خضوع عبد لسيده، خلية من أي بعد شخصي وعاطفي. كما وكأنها علاقة حب صامتة. إنعكست طبيعة هذه العلاقة على حياتي وأصبحت لا أؤمن بالمحبة الإلهية بل وأنني لم أسأل عنها قَطّ. ولّد ذلك فراغ في داخلي وعطش وبحث دائم عن الحب والاهتمام.
لنتفق معا بأن الحب ليس بالكلام فقط. هذا مبدأ أساسي لا ينبغي أن ننساه. ولكن ما هو الحب؟ كيف تعلم بأنك محبوب إذا لم يخبرك أحدهم بذلك؟ كيف تصدق بأنك محبوب إذا لم يظهره لك أحد بشكل عملي؟ هذا مبدأ منطقي وعادل والله يحترم ذلك.
بدأت أجد أجوبة لأسئلتي عندما شاهدت فيلم قصة السيد المسيح لأول مرة منذ ٢٢ عامًا. لم أفهم حينها كل تفاصيل الأحداث بما في ذلك حدث موت السيد المسيح. لكن ما بدا واضحا لي هو لغة الحب لدى هذا الشخص العظيم. كانت محبته للبشر والمذنبين واضحة. كان رجلا بارًا ولم يدين أحد. كان صالحا وصديقًا للبسطاء.
الله يحبنا. انه يحبك. إذا توقفنا هنا الآن، تبقى تلك مجرد كلمات. ولكن، الحمد لله أن الأمور لم تبقى على هذا الحال. أتذكر أكثر الآيات التي لمست قلبي عندما شاهدت الفيلم: “لِأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ ٱللهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ. لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ ٱللهُ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيَدِينَ ٱلْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ ٱلْعَالَمُ”. وأيضًا، عند سمعت يسوع يقول على الصليب “اغفر لهم، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون”. كل هذه الآيات كانت بمثابة رسالة ونداء شخصي من الله. بكيت وتساءلت في نفسي عند مشاهدتي لمشهد صلب المسيح في الفيلم: لماذا يُعاقب شخصًا بارًا؟ هذا ليس بعدلٍ! ومباشرة بعد أن سألت الله هذه الأسئلة، سمعت صوتا يهمس لي “لا تخف أنا غلبت الموت”. وعندما قام السيد المسيح من الموت ووُجد قبره فارغا، أنارت عيناي وأدركت بأن المسيح لم يأتي ليخيفني بالموت بل أتى ليبيد الموت بنفسه. لقد أخذ عقاب الله العادل عوضا عنّي وقام من الموت ليقيمني معه للحياة الأبدية في الجنة. اكتشفت حينها ولأول مرة المعنى الشامل لكلمة “أحبك”، بالفعل والقول، وشعرت، بأنني موضوع مسرة الله وأنني محبوب ومقبول وأن الشيء الوحيد الذي احتاجه هو التوبة عن خطاياي وقبول يسوع في حياتي. انتهى الفيلم بكلمات المسيح التالية: “هَا أنا معكم كلّ الأيّام إلى انقضاء الدّهرِ”. شعرت حينها بأن الله لم يعد ذلك الإله البعيد عني إنما قريب منّي ويهمه أمري. كانت تلك لحظة مفصليّة في حياتي، فمنذ ذلك اليوم استسلمت للسيد المسيح بالكامل.
يقول السيد المسيح: “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ”. شكّل مجيئه للعالم أسمى تعبير لمحبة الله لنا. محبة عملية. لقد ترك مجد الله وجاء في جسد الإنسان ليشارك آلامنا وتحدياتنا. وبموته هزم أكبر عدو للبشر، الموت. فإذا، محبة الله لك ليست مجرد كلمات، بل هي جسد، نراه ونلتمسه. كيف تصدق أن الله يحبك إذا لم تؤمن بأنه أرسل المسيح ليموت من أجلك ويظهر تلك المحبة؟ لقد فعل ذلك ليس فقط لإعلان محبته لك بل ولكي تعيش أنت أيضًا وفقا لمحبته الخالصة.
تتحرر من الخوف عندما يشبع الله قلبك بمحبته بل وتصبح مؤهلا لتقديم المحبة الصادقة. عزيزي القارئ، تذكر اليوم بأن الله يناديك “تعال إلي، أنا أحبك”، وأن قراءتك لهذا المقال ليس بمحض الصدفة. إن كنت تريد أن تسأل عن كيف يمكنك أن تصبح مؤمن بالمسيح، راسنا عبر الشات أو الماسنجر. سلام