كانت الحياة صعبة للغاية. نشأت في بلدة صغيرة وفقيرة. أفقر الأماكن حيث لا تدفئة أو تكييف. كما عانيت أنا وشقيقي الأكبر ووالدي في إيجاد الأمل. كان عالمي مُظلِم و”الاكتئاب” كان مُهيمنًا على عالمي، ونادرًا ما كنت افتح الستائر. لقد اقتنعت أنّ الحياة مخيفة وسببًا للشقاء. لم يكن هناك ولو بصيص أملٍ صغير.
ظننت أنني مع تقدمي في العمر ربما لتتحسن الأمور، لكن أمسيت أكثر تشاؤمًا. أصبح لديّ أفكار انتحارية عندما كنت بين العاشرة والثالثة عشر سنة فقط. لا أتذكر أنّه مرّ عليّ يومًا واحدًا دون أن تراودني تلك الأفكار. كان جميع من أعرفهم يردّد: “إذا واصلنا في ارتكاب الخطيئة والذنوب، فلسوف نذهب إلى الجحيم”. كنت أقول: الحياة مؤلمة بما فيه الكفاية. لماذا أنا موجود إن كنت سأذهب إلى الجحيم؟ فالله لن يساعدني على الإطلاق. حاولت إسكات الأفكار الانتحارية بالطريقة التي يتمرد فيها كل المراهقين؛ السجائر والمخدرات والكحوليات… تركت المدرسة وانغمست في عالم الشهوات لإسكات شعوري المتزايد بالفشل. كان صدى الأفكار الانتحارية عالٍ جدًّا كما وكأنّ أحدهم يصرخ في وجهي. أتذكر إخبار الآخرين أنني سأموت قبل بلوغي الثلاثين من عمري.
في أحد الأيام، شجعني مديري أن ألتحق بالكلية وذلك أثناء عملي بدوام جزئي في أحد متاجر الفيديو. انتابني شعور بالأمل وقلت في نفسي: “يجب أن أحاول”. تابعت الدراسة ومن ثمّ التحقت في الكلية، لكنني في يوم من الأيام، تلقيت مكالمة هاتفيّة صادمة لإعلامي بأن أخي قد انتحر. تحطّمت من الداخل عندما أدركت أنه قد رحل للأبد ولن يعود ثانيةً. غير أنّه حدث شيئًا مثيرًا للاهتمام صباح ذلك اليوم. فقد التقيت مع شقيقي الذي قال لي: “يا سامي” فقلت: “نعم؟” وقال: “أنا أريدك أن تعلم فقط أني أحبك”.
رغم كل التحديات وتلك الأفكار السلبية إلا أنني حاولت التركيز على دراستي سعيًا للحصول على شهادة جامعية وعمل جيد، كما ولكي أثبت لنفسي أنّي ليس فاشلًا. كان الفقر عدوي الأكبر ولهذا شكّلت دراستي فرصة لإيجاد حياة أفضل. في عام 2007، تخرّجت بشهادة ماجستير في إدارة الأعمال وحصلت على “وظيفة الأحلام” في شركة تجارية. تمكنت من تحقيق كل ما حلمت به بنفسي، لكن لا زلت أشعر بالفراغ من الداخل كما وكأن كل شيء بلا قيمة. لم يفلح النجاح في تهدئة قلبي وذهني. أتذكر يوما كيف جلست باكيًا داخل شقتي وانتابني شعور بالهزيمة، وقلت: “يا الله، إن كنت حقيقيًا، فهل لك أن تأخذني من هذه الدنيا؟ خُذْ حياتي من فضلك؟ عندها رأيت في رؤية جيش من الشياطين تهاجمني وجيش آخر من الملائكة يشجّعونني. وأثناء ذلك، ظهر لي رجل وعرض عليّ أن يُنهي ألمي. عرفت أن هذا الرجل هو السيد المسيح. قلت في نفسي: “ما الذي يحدث معي؟ من هو يسوع؟”. حدق فيّ بحنان وقال لي: “سامي، يمكنني أن أخلّصك من آلامك”.
على الرغم من أنني لم أدرك المغزى الكامل من الرؤية، إلا أنني كنت متأكد أنها لحظة مفصلية. استقلت من وظيفتي. وبعد ذلك بفترة وجيزة، ذهبت إلى الكنيسة وكانت الرسالة عن علاقتنا مع المسيح. أدركت أن هذا ما أراد الله مني سماعه. بعد الوعظة، ركضت إلى القسيس وأمسكت به من كتفيه قائلًا: “حضرة القسيس عليك مساعدتي في بناء علاقة عميقة مع يسوع”. قبلت السيد المسيح في تلك اللحظة وكان الأمر رائعًا حيث شعرت بالراحة العارمة. شعرت أخيرا وكأن لدى الله خطة لحياتي وأن للحياة هدف. بدأت منذ ذلك اليوم ببناء حياة جديدة.
اليوم لا أشعر بأنني فاشل إنّما بالامتنان لأن الله خلّصني من اكتئابي وجميع الأفكار الانتحارية وملأ قلبي بالسلام. ليس هناك بعد مكان للقلق.
يمكنك أنت أيضا أن تجد السلام وسط الظروف الصعبة تمامًا كما وجدته انا في السيد المسيح. فهل ستتبعه؟.