إن عالمنا مُعقد للغاية، فنحن نعيش إلى جانب أصحاب القلوب الجريحة، كما أننا محاطون بمن يعانون من وحدة قاسية ومن تمتلأ حياتهم بالعزلة واليأس والألم. من منا يستطيع أن يفهم آلام هؤلاء المرضى الذين لا رجاء في شفائهم؟ يوم بعد الآخر تضعف أجسادهم المتألمة وكل يوم بالنسبة لهم عبارة عن صراع من أجل البقاء
هذا وتعلو من حولنا صرخات اليائسين والمحبطين: الأرمل الحزين والطفل الذي تعرض للإساءة والسجين المطروح في السجن. العالم مليء بالملايين من شتى جوانب الحياة الذين يواجهون يومهم بيأس ولكل منهم قصته ولا يوجد من يستطيع أن يدرك المعارك التي يخوضونها سواهم
يعتبر الألم أحد الأمور التي يشترك فيها كل البشر. هناك عشرات الآلاف الذين فقدوا منازلهم نتيجة لسوء الأحوال الإقتصادية أو اضطروا لتغيير مكان معيشتهم بسبب اضطرابات إقليمية. بالنسبة لمثل هذه العائلات تعتبر الحياة معاناة وصراع للبحث عن الطعام والمأوى والأمل
لقد تعالت أصوات اليائسين عبر التاريخ راجية الخلاص، فيا تُرى هل من سامع يصغي لصرخات اليائسين في مثل هذه الأوقات الموحشة المليئة بالألم والمعاناة
منذ أكثر من ألفي عام، نال معلم يهودي نصيبه من الألم والمعاناة. فبعد أن تناول يسوع مع تلاميذه عشاء الفصح، خرجوا من المدينة متوجهين نحو المناطق الجبلية المحيطة باليهودية. لقد علم التلاميذ أنها ستكون ليلة مختلفة عن باقي الليالي. وبينما هم سائرون، لا شك أنهم كانوا يفكرون في الكلمات التي نطق بها معلمهم أثناء تناوله الفصح معهم. فامتلأت قلوبهم بالحزن لأن يسوع أخبرهم أنه سوف يتركهم في تلك الليلة
كان الفصح بالنسبة لشعب إسرائيل احتفالاً عظيماً بذكرى خلاص الرب لهم من العبودية في مصر، إلا أن يسوع كسر التقليد في تلك الليلة عندما أخبرهم بأنه سيؤسس على الأرض عهداً جديداً. ما أعجب حياة ذلك المعلم الوديع الذي اختار أن ينتهي به المطاف في ذلك الزمان والمكان. أولم يعلن ميلاده جمهور من الملاكة قائلين: وُلد لكم مخلص
كانت رسالته خلال الثلاث سنوات التي سبقت هذه الأحداث رسالة رحمة للنفوس اليائسة الراجية إجابة. وتوافد إليه الناس من كل مكان فكان يشفي المرضى ويتحدث بالحكمة والتعزية كما لم يفعل أحد من قبل
ما أكثر المرات التي بذل فيها من ذاته لأصحاب القلوب الجريحة الذين جاءوا إليه وبغض النظر عن مدى إرهاقه الجسدي، إلا أنه كان يجد الوقت دائماً ليتقابل مع كسيري القلوب
كان يعلم أن هذا الجهد لن يكفي وذلك لأن مشكلتنا كبشر تكمن في كوننا مكسورين من الداخل. فبينما سار يسوع مع تلاميذه عبر بستان جثيماني، أخبرهم بأنه سوف يتم القبض عليه في تلك الليلة، كما أخبرهم بموته في الليلة التالية. فامتلأت قلوبهم بالحزن، ولكن بموته وقيامته قدم للبشرية نوعية مختلفة من الحياة
جُرح يسوع وتألم ومات كفارة عنا لكي يطهر قلوبنا من الخطية مقدماً رحمة إلهية للعالم أجمع
لكنه قد قام من الموت
مهما كانت الظروف التي تمر بها في حياتك، سيظل يهمس في قلبك بكلمات رجاء ومحبه ورحمة وسيستجيب لصرخات أصحاب القلوب اليائسة إينما كانوا
\”لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. يوحنا ٣: ١٦ و١٧